اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا .

08:26 صباحًا , السبت 3 يونيو 2023

الرؤى والأحلام

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 *فَقَدْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ, عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِىٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنَّ رَأْسِي ضُرِبَ فَتَدَحْرَجَ, فَاشْتَدَدْتُ عَلَى أَثَرِهِ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلأَعْرَابِيِّ: (لَا تُحَدِّثِ النَّاسَ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِكَ فِي مَنَامِكَ) وَقَالَ جَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدُ يَخْطُبُ, فَقَالَ: (لَا يُحَدِّثَنَّ أَحَدُكُمْ بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِى مَنَامِهِ) وَفِي رِوَايَةٍ: فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَالَ: (إِذَا لَعِبَ الشَّيْطَانُ بِأَحَدِكُمْ فِى مَنَامِهِ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ النَّاسَ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ, عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ, قَالَ: كُنْتُ لَأَرَى الرُّؤْيَا فتُمْرِضُنِي, حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يَقُولُ: (الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنْ اللَّهِ, فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ, فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ, وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ, فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ, وَلْيَتْفِلْ ثَلَاثًا, وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا, فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ).
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: لَقَدْ ذُكِرَتِ الرُّؤَى وَالْأَحْلَامُ فِي مَوَاطِنَ مِنَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَالسُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الْمُطَهَّرَةِ, وَلَقَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَذْكُرَ لَكُمْ طَرَفًا مِنَ الْقَوَاعِدِ وَالضَّوَابِطِ وَالْآدَابِ فِي هَذَا الْبَابِ, فَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ مِنَ الْمُبَشِّرَاتِ، كَمَا جَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لمْ يَبْقَ مِنَ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ) قَالُوا: وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ؟ قَالَ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ) أَيِ الصَّادِقَةُ, وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ) خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ مِنَ الرُّؤْيَا مَا تَكُونُ مُنْذِرَةً وَهِيَ صَادِقَةٌ, يُرِيهَا اللهُ لِلْمُؤْمِنِ رِفْقًا بِهِ لِيَسْتَعِدَّ لِمَا يَقَعُ قَبْلَ وُقُوعِهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ مَا يَرَاهُ النَّائِمُ حَالَ نَوْمِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:
الْأُولَى: رُؤْيَا صَادِقَةٌ مِنَ اللهِ, وَهِيَ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُبَشَّرَةً أَوْ مُنْذِرَةً, سَوَاءً رَآهَا الْإِنْسَانُ بِنَفْسِهِ أَوْ رَآهَا لَهُ غَيْرُهُ.
الثَّانِيَةُ: حُلُمٌ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ لِإِحْزَانِ الْإِنْسَانِ وَإِدْخَالِ الْكَآبَةِ عَلَيْهِ.
الثَّالِثَةُ: حَدِيثُ نَفْسٍ, مِمَّا يَشْغَلُ بَالَ الْإِنْسَانِ مِنْ أُمُورِ دِينِهِ وَدُنْيَاهُ فِي حَالِ يَقَظَتِهِ, فَيَأْتِيهِ هَذَا حُلُمًا فِي الْمَنَامِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ تَوَاطُأَ الرُّؤَى؛ يَدُلُّ عَلَى تَحَقُّقِهَا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ, أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيَهَا؛ فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ).
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ أَصْدَقَ الرُّؤَى: مَا كَانَ صَاحِبُهَا صَادِقًا فِي حَدِيثِهِ مَعَ النَّاسِ، كَمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لمْ تكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ، وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا: أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا).
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ الرَّائِي إِذَا رَأَى أَمْرًا يُفْرِحُهُ, فَلَا يُخْبِرُ بِهِ إِلَّا مَنْ يُحِبُّ, وَإِذَا رَأَى شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَإِنَّمَا هُوَ حُلُمٌ مِنَ الشَّيْطَانِ, فَلَا يُخْبِرْ بِهِ أَحَدًا؛ كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ مِنَ اللهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ: فَلَا يُحَدِّثْ بِهَا إِلَّا مَنْ يُحِبُّ، وَإِنْ رَأَى مَا يَكْرَهُ: فلْيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّهَا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا، فَإِنَّهَا لنْ تَضُرَّهُ) وَفِي رِوَايَةٍ: (فلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا، وَلْيَسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ثَلَاثًا، وَلْيَتَحَوَّلْ عَنْ جَنْبِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ) وَفِي رِوَايَةٍ: (فلْيَقُمْ فلْيُصَلِّ, وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ).
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنَامِ، عَلَى هَيْئَتِهِ الَّتِي حَكَاهَا صَحَابَتُهُ فَإِنَّهَا رُؤْيَا مِنَ اللهِ تَعَالَى، وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذِهِ الرُّؤْيَا شَيءٌ مِنَ الْأَحْكَامِ؛ لِمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ رَآنِي فِي النَّوْمِ فَقدْ رَآنِي، إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَتَمَثَّلَ فِي صُورَتِي، وَإِذَا حَلَمَ أَحَدُكُمْ فَلَا يُخْبِرْ أَحَدًا بِتَلَعُّبِ الشَّيْطَانِ بِهِ فِي الْمَنَامِ).

*فَمِنِ الْقَوَاعِدِ وَالضَّوَابِطِ وَالْآدَابِ فِي بَابِ الرُّؤَى وَالْأَحْلَامِ: أَنَّ تَعْبِيرَ الرُّؤَى وَالْأَحْلَامِ بَابٌ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ الْخَوْضَ فِيهِ؛ إِلَّا عَنْ عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ بِقَوَاعِدِ هَذَا الْبَابِ.
وَمِنْ ذَلِكَ: أَنَّ مِنْ أَكْذَبَ الْكَذِبِ, أَنْ يَدَّعِيَ الْإِنْسَانُ فِي الْيَقَظَةِ مَا لَمْ يَرَهُ صِدْقًا فِي الْمَنَامِ، كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ مِنْ أَفْرَى الْفِرَى: أَنْ يُرِيَ عَيْنَيْهِ مَا لَمْ تَرَ) وَفِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ تَحَلَّمَ بحُلْمٍ لمْ يَرَهُ, كُلِّفَ أَنْ يَعْقِدَ بَيْنَ شَعِيرَتَيْنِ وَلَنْ يَفْعَلَ، وَمَنِ اسْتَمَعَ إِلَى حَدِيثِ قَوْمٍ وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ, أَوْ يَفِرُّونَ مِنْهُ, صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ صَوَّرَ صُورَةً عُذِّبَ وَكُلِّفَ أَنْ ينْفُخَ فِيهَا وَلَيْسَ بِنَافِخٍ) قَالَ سُفْيَانُ: الْآنُكُ هُوَ الرَّصَاصُ.
بواسطة : المشرف العام
 0  0  1.5K
التعليقات ( 0 )