اضغط هنا إن لم يقم المتصفح بتحويلك آليًا .

04:49 مساءً , الثلاثاء 3 أكتوبر 2023

رعاية حقوق الضعفاء

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 *فَلَقَدْ كَفَلَ دِينُ الْإِسْلَامِ جَمِيعَ الْحُقُوقِ لِأَتْبَاعِهِ عَامَّةً, وَلِلضُّعَفَاءِ مِنْهُمْ خَاصَّةً, فَأَوْجَبَ وَحَثَّ عَلَى رِعَايَةِ هَذِهِ الْحُقُوقِ فِي نُصُوصٍ كَثِيرَةٍ, فَفِي الْبُخَارِيِّ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ, الصَّائِمِ النَّهَارَ) وَالْأَرْمَلَةُ هِيَ: الْمَرْأَةُ الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا وَهِيَ فَقِيرَةٌ, وَالسَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ هُوَ: الْعَامِلُ مِنْ أَجْلِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: فِي هَذِينِ الْحَدِيثَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ, مِنْهَا:
الْحَثُّ عَلَى كَفَالَةِ الْأَيْتَامِ, وَأَنَّ كَافِلَ الْيَتِيمِ قَرِيبُ الْمَنْزِلَةِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ, وَالْمُرَادُ بِكَفَالَةِ الْيَتِيمِ: الْقِيَامُ بِمَا يُصْلِحُ شُئُونَهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ, مِنَ التَّرْبِيَةِ وَالتَّوْجِيهِ وَالتَّعْلِيمِ, وَمِنْ تَوْفِيرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْمَسْكَنِ, وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: أَنَّ كَافِلَ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, لَا أَنَّهُ فِي دَرَجَتِهِ, أَوِ الْمُرَادُ سُرْعَةُ دُخُولِ الْكَافِلِ لِلْجَنَّةِ, أَوْ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى الْانْضِمَامِ وَالْاقْتِرَابِ.
وَمِنْهَا: كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللهُ: وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِكُلِّ مَنْ ضَمَّ يَتِيمًا إِلَى مَائِدَتِهِ, وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ طَوْلِهِ, فَإِذَا كَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا: رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا نَالَ ذَلِكَ, وَحَسْبُكَ بِهَا فَضِيلَةً وَقُرْبَةً مِنْ مَنْزِلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ, وَلَيْسَ بَيْنَ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى فِي الطُّولِ, وَلَا فِي اللُّصُوقِ كَثِيرٌ, وَإِنْ كَانَ نِسْبَةُ ذَلِكَ مِنْ سَعَةِ الْجَنَّةِ كَثِيرًا.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْيَتِيمَ حَدُّهُ الْبُلُوغُ, فَإِذَا بَلَغَ الصَّبِيُّ زَالَ عَنْهُ الْيُتْمُ, هَذَا إِنْ مَاتَ أَبُوهُ, وَأَمَّا إِذَا مَاتَتْ أُمُّهُ دُونَ أَبِيهِ فَلَا يُقَالُ عَنْهُ يَتِيمٌ.
وَمِنْهَا: أَنَّ تَرْبِيَةَ أَيْتَامِ الْمُسْلِمِينَ وَدَعْوَةَ الْأَغْنِيَاءِ إِلَيْهَا مِنَ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ, وَمِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْبِرِّ وَأَحَبِّهَا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى.
وَمِنْهَا: كَمَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ رَحِمَهُ اللهُ: حَقٌّ عَلَى مَنْ سَمِعَ هَذَا الْحَدِيثَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ؛ لِيَكُونَ رَفِيقَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ, وَلَا مَنْزِلَةَ فِي الْآخِرَةِ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ.
وَمِنْهَا: كَمَا قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: هَذِهِ الْفَضِيلَةُ تَحْصُلُ لِمَنْ كَفَلَ الْيَتِيمَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، أَوْ مَالِ الْيَتِيمِ، بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ.

*فَإِنَّ مِنَ الْفَوَائِدِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحَدِيثِ: (السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ, الصَّائِمِ النَّهَارَ) أَنَّ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ, وَعَجَزَ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ وَصِيَامِ النَّهَارِ؛ فَلْيَسْعَ عَلَى الْأَرَامِلِ وَالْمَسَاكِينِ؛ لِيُحْشَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي جُمْلَةِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ, دُونَ أَنْ يَخْطُوَ فِي ذَلِكَ خُطْوَةً، أَوْ يُنْفِقَ دِرْهَمًا، أَوْ يَلْقَى عَدُوًّا، أَوْ لِيُحْشَرَ فِي زُمْرَةِ الصَّائِمِينَ وَالْقَائِمِينَ, وَيَنَالُ دَرَجَتَهُمْ وَهُوَ طَاعِمٌ نَهَارَهُ, نَائِمٌ لَيْلَهُ أَيَّامَ حَيَاتِهِ، فَيَنْبَغِي لِكُلِّ مُؤْمِنٍ أَنْ يَحْرِصَ عَلَى هَذِهِ التِّجَارَةِ الَّتِي لَا تَبُورُ، وَيَسْعَى عَلَى الْأَرَامِلِ وَالْمَسَاكِينِ, لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى لِكَيْ يَرْبَحَ فِي تِجَارَتِهِ دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ وَالصَّائِمِينَ وَالْقَائِمِينَ مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ وَلَا نَصَبٍ، وَذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.
بواسطة : المشرف العام
 0  0  2.4K
التعليقات ( 0 )