*فَإِنَّ مِمَّا رَغَّبَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ عِبَادَهُ: الزَّوَاجَ, فَقَالَ: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) بَيْدَ أَنَّ مُنَاسَبَاتِ الزَّوَاجِ عِنْدَنَا تَكْتَنِفُهَا بَعْضُ الْمَظَاهِرِ السَّلْبِيَّةِ؛ مِنْهَا: حَصْرُ مُنَاسَبَاتِ الزَّوَاجِ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ رَغْبَةً فِي اجْتِمَاعِ أَكْبَرِ عَدَدٍ مِنَ الْأَقَارِبِ وَالْأَصْدِقَاءِ فِي هَذَا الْفَصْلِ لِأَنَّ إِجَازَاتِ الْكَثِيرِ مِنَّا لَا تَكُونُ إِلَّا فِي فَصْلِ الصَّيْفِ, وَالنَّاظِرُ مِنْ جَمِيعِ الزَّوَايَا يَرَى أَنَّ هَذَا السَّبَبَ غَيْرُ كَافٍ فِي حَصْرِ مُنَاسَبَاتِ الزَّوَاجِ فِي هَذَا الْفَصْلِ؛ خَاصَّةً مَعَ قُدْرَةِ الْجَمِيعِ عَلَى الْحُضُورِ فِي عُطَلِ نِهَايَةِ الْأُسْبُوعِ بِسَبَبِ تَوَافُرِ وَسَائِلِ الْمُوَصَلَاتِ الْمُتَنَوِّعَةِ دُونَ أَنْ يُشَكِّلَ ذَلِكَ أَيَّ عَائِقٍ لِلْأَكْثَرِيَّةِ الْكَاثِرَةِ مِنَّا, أَلَا وَإِنَّ مِمَّا يَجْدُرُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ لِحَصْرِ مُنَاسَبَاتِ الزَّوَاجِ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ آثَارًا سَلْبِيَّةً كَثِيرَةً, مِنْهَا:
عَدَمُ قُدْرَةِ الْجَمْعِيَّاتِ الْخَيْرِيَّةِ عَلَى اسْتِقْبَالِ فَائِضِ الْوَلَائِمِ فِي لَيَالِي الصَّيْفِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْمُنَاسَبَاتِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ, مِمَّا يُسَبِّبُ إِرْبَاكًا كَبِيرًا لَهَا.
وَمِنْهَا: أَنَّ صَاحِبَ الْمُنَاسَبَةِ يَأْخُذُ بِحِسَابِهِ حُضُورَ كُلَّ مَنْ وَجَّهَ لَهُمْ دَعَوَاتِ الزَّوَاجِ, وَقَدْ يَكُونُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ مَدْعُوًّا لِأَكْثَرِ مِنْ مُنَاسَبَةٍ فِي هَذَهِ اللَّيْلَةِ, فَلَا يَجِدُ صَاحِبُ الْمُنَاسَبَةِ مَلْجَأً لِلْبَاقِي مِنَ الطَّعَامِ إِلَّا حَاوِيَاتِ النِّفَايَاتِ.
وَمِنْهَا: ارْتِفَاعُ أَسْعَارِ الْمَطَابِخِ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ وَخَاصَةً الْجَيِّدَةَ مِنْهَا؛ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْمُنَاسَبَاتِ, فَيُصْبِحُ الْوَاحِدُ مِنَّا مُجْبَرًا عَلَى قَبُولِ أَيِّ سِعْرٍ تَطْرَحُهُ هَذَهِ الْمَطَابِخُ.
وَمِنْهَا: ارْتِفَاعُ أَسْعَارِ الْمَلَابِسِ وَمُسْتَلْزَمَاتِ الْأَفْرَاحِ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْمُنَاسَبَاتِ.
وَمِنْهَا: ارْتِفَاعُ أَسْعَارِ صَالَاتِ الْأَفْرَاحِ وَالْقُصُورِ فِي هَذَا الْفَصْلِ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الطَّلَبِ, وَضِيقِ أَيَّامِ الْإِجَازَةِ.
وَمِنْهَا: إِحْرَاجُ الْمَدْعُوِّينَ بِسَبَبِ كَثْرَةِ الْمُنَاسَبَاتِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ, مِمَّا يُسَبِّبُ حَرَجًا لِلْكَثِيرِ مِنَّا إِذَا أَرَادَ أَدَاءَ وَاجِبَ التَّهْنِئَةِ لِلْمُتَزَوِّجِينَ فِي نَفْسِ اللَّيْلَةِ.
*فَإِنَّ مِنَ الْآثَارِ الْإِيجَابِيَّةِ فِي كَوْنِ مُنَاسَبَاتِ الزَّوَاجِ طَوَالَ الْعَامِ, وَعَدَمِ حَصْرِهَا فِي إِجَازَةِ فَصْلِ الصَّيْفِ:
قُدْرَةُ الْوَاحِدِ مِنَّا عَلَى مَعْرِفَةِ عَدَدِ حُضُورِ مُنَاسَبَتِهِ التَّقْرِيبِيِّ فِي الْغَالِبِ, مَعَ الْأَخْذِ بِمَا يَكْفِيهِمْ بِالْمَعْرُوفِ مِنَ الطَّعَامِ.
وَمِنْهَا: أَنْ تَتَمَكَّنَ الْجَمْعِيَّاتُ الْخَيْرِيَّةُ مِنِ اسْتِقْبَالِ فَائِضِ الْوَلَائِمِ, وَمِنْ ثَمَّ تَوْزِيعُهُ عَلَى الْمُحْتَاجِينَ بِكُلِّ يُسْرٍ وَسُهُولَةٍ.
وَمِنْهَا: سَدُّ الطَّرِيقِ أَمَامَ جَشَعِ التُّجَّارِ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِالْمُجْتَمَعِ الْمَوَاسِمَ لِرَفْعِ أَسْعَارِ بِضَائِعِهِمْ.
وَمِنْهَا: فَكُّ الْخِنَاقِ عَنِ الْعُطْلَةِ الصَّيْفِيَّةِ حَتَّى يَتَمَكَّنَ النَّاسُ مِنَ الْاسْتِفَادَةِ الْقُصْوَى مِنْهَا, سَوَاءً بِمَا يَعُودُ عَلَيْهِمْ بِالنَّفْعِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ, أَوِ اسْتِغْلَالَهَا فِي سَفَرٍ مُفِيدٍ يُرَوِّحُ عَنْ أَفْرَادِ الْأُسْرَةِ التَّعَبَ وَالْمَشَقَّةَ بَعْدَ عَنَاءِ عَامٍ كَامِلٍ.