[ALIGN=CENTER]موقع عشيرة ال عجي – رجال في ذاكرة التاريخ:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: لا يختلف اثنان فى أهمية الرصد التاريخي للأفراد والأحداث والأمم والشعوب، وكلما كان الرصد صحيحاً وموثقاً للحقائق وبعيداً عن المؤثرات التي لا تحمد عقباها كلما كان أدق واصوب، ودرجة قبوله أكثر عند الجميع. وقد اهتم العرب منذ القدم بعلم الأنساب، وتحدثوا عن القبائل وأمجادها وبطولاتها وكرمها واعتنوا بأشعارها ومفاخرها وأيامها، بل وحتى بعد مجيء الإسلام، قال الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)) الحجرات آية 13 وايضا المصطفى عليه الصلاة والسلام حث على تعلم الأنساب بقوله: ((تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم)) فالمعرفة بالأنساب أحد الأسس التي تقوي الروابط الاجتماعية وتجمعها مع بعضها البعض، وتعين على صلة الرحم، ومساعدة الضعيف والمحتاج، وهذا ما أكد عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: ((الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله((
حطاب فى قصته الحقيقية ونحن اليوم بصدد التوقف قليلاً عند هذه الشخصية. هو حطاب بن حامد بن هادي الثَّفِنة* العجي الزميلي، وكانت أمه مشيطية من أسرة المشيط العجي الزميلي، وأسرة المشيط العزيزة غنية عن الإطراء، يُشهد لها بالشجاعة ومكارم الأخلاق، أجتمعت فيها الصفات الحميدة التي أوجبت علينا تقديرها والإعتزاز بها بداية بأجدادهم وآباءهم ومروراً بأبناءهم الكرام. أمه تدعى منيسة بنت مهاوش المشيط وأن أباه حامد، وعلى نحو ما ذكر فإن حامداً قد تزوج بمنيسة فطلقها.
رحيله إلى قبيلة عنزة.
قيل إن والدة حطاب قد تزوّجت بعد ذلك برجلٍ من قبيلة عنزة وتحديداً من عشيرة المهيد من كبار عشائر عنزة، وفي حينها غادر زوج منيسة إلى ديار عنزة وإيا زوجته ومعها ولدها حطاب حينما كان حطاب صغيراً. وكان هذا هو سبب تواجده عند قبيلة عنزة. ويذكر إن منيسة قد أنجبت من زوجها أولاداً وبنات وإن أكبر أولادها يُقال له إبراهيم وقد أنجب إبراهيم ولداً يدعى إسماعيل.
نشأته وأيام الصباء.
عاش حطاب هناك حتى بلغ أشده وبدأ في صباه ليتعلم الفروسية مع فرسان المهيد، وبعد إن أصبح فارساً مكتسباً ممارسة كافية للفروسية، ثبت إنه شارك مع فرسان عنزة في عدد من الغزوات يومئذٍ. وفي أحدى الغزوات قيل أنه أبلى حطاب بلاءً حسناً فاستدعاه أحد شيوخ المهيد وأهدى إليه فرساً أَصِيلةً من مرابط خيل المهيد كمكافأة له.
عودته إلى والده وعشيرته.
عزم حطاب الرحيل وترك المكان، حينما دعاه أباه حامد وطلب منه العودة إليه للحاجة والمصلحة. وحالما أتاه الخبر، استجاب لدعوة والده وعاد إلى أهله وعشيرته برفقة فرسه. ولما وصل إليهم أُستقبل بكل حفاوة وتكريم، وقيل أنه عاش طويلاً بين جماعته مكملاً نفسه ومقوياً مجتمعه، ومن المواقف الجديرة بالذكر إنه جعل فرسه سبيلاً لبعضٍ من رجال العجي، وهم مخلف بن حمدان العجي، و عبد الله بن ناصر العجي، و هدمول بن محمد العجي، و دوش بن خلف العجي. فعلى أي واحد من المذكورين يريد الغَزْو ولا يجد ما يُبَلِّغُه مَغْزاه، إن يأتي ويأخذ الفرس متى يريد دون إن يستأذن من حطاب وفقاً لعادة الفرسان والمروءة التي تعكس روح التكاتف على العشيرة بكل ماتعني من خَلَّة كريمة وخَصْلَة شريفة. وممّا نستوحي من هذا الموقف إن كلّ أولئك المذكورين ليسوا أقل شأناً من حطاب في الشجاعة وأمور الفروسية. وقد غزا جميع المعنين على فرس حطاب وكسبوا جزيل الغنائم إثباتًا لشجاعتهم وطلباً لمتطلبات الحياة الأساسية في ذلك العصر. ومن شعر حطاب الذي أنشده في فرسه ولأن العرب يفضّلون من الخيول إناثها، كما قيل: \”بطنها كنز، وظهرها عزّ\” فقــــال:
يامــاحلى ركب الأصيـــل =يامـــاحلــى هــذبــاتهــــا
يــوم المــتقــي الــذلـيــــل =يــلــبــد عـــن حــزاتهــــا
الــدرع والســيف الصـليل= وخوض المعارك ولماتهـا
وضبح الخــيل والصهيــل=حــلاة الــدنيــا ولــذاتــهــا
وهكذا كان جانباً من جوانب حياة حطاب حتى توفي عن عمر يناهز الثمانين عاماً كما ترجّح الآراء، أي بتاريخ 1360 هـ تقريباً. وإنني أرى في سرد هذه القصة التي تحمل ملامح شخصية حطاب ولكل مَنْ ورد ذكره في هذه السطور إضافة اعتزاز وذكرى طيبة لا تُنسى على مرِّ العصور تعتز بها العشيرة الممتلئة ماضياً وحاضراً بالأمجاد والمفاخر. اللهم أعفو عنهم جميعاً وأرحمهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أشكر أخاي الحبيب أبا فيصل الذي شجعني للكتابة عن الأجــداد على صهوات الجيــاد.
* الثَّفِنةُ: وجمعها الثَّفِنات: أي المساعدة، والجُلوسِ، والمصاحبة، ويقال:
ثافَنْتُ الرجلَ على الشيء إذا أَعَنْتَه عليه، ويقال: أَيضاً ثافَنْت فلاناً، جالسْته، وثافَنْتُ الرجلَ مُثافنةً أَي صاحَبْتُه.
بقلم/ سعد محمد الحطاب .. [/ALIGN]
اترك تعليقاً