أحوال أهل الجنة

*فَقَالَ تَعَالَى: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: لِلْجَنّةِ طَرِيقٌ وَاحِدٌ فَقَطْ, وَلِلنَّارِ طُرُقٌ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى, قَالَ تَعَالَى: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وَالْجَنّةُ هِيَ دَارُ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ, وَالْحُبُورِ الدَّائِمِ, دَارٌ أَعَدَّهَا اللهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ, لَهَا ثَمَانِيَةُ أَبْوَابٍ, مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِع أَبْوَابِهَا, لَكَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرٍ, أو كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى, مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ, وَبِنَاؤُهَا لَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ, وَلَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ, وَمِلَاطُهَا الْمِسْكُ, وَهُوَ كَالطِّينِ الَّذِي يُجْعَلُ بَيْنَ اللَّبِنَةِ, وَالْأُخْرَى أَثْنَاءَ الْبِنَاءِ, وَحَصْبَاؤُهَا اللَّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ, وَتُرَابُهَا الزُّعْفُرَانُ, مَنْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ يَنْعَمُ, وَلَا يَبْأَسُ, وَيَخْلُدُ, وَلَا يَمُوتُ, فَلَا تَبْلَى ثِيَابُهُ, وَلَا يَفْنَى شَبَابُهُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ رَبَّهُ مَا أَدْنَى أَهْلُ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً؟ فَقَالَ: رَجُلٌ يَجِئُ بَعْدَمَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ, فَيُقَالُ لَهُ: ادْخُلِ الْجَنَّةَ, فَيَقُولُ: رَبِّ كَيْفَ, وَقَدْ نَزَلَ النَّاسُ مَنَازِلَهُم, وَأَخَذُوا أَخَذَاتِهِم, فيُقَالُ لهُ: أَتَرْضَى أَنْ يَكُونَ لَكَ مِثْلُ مَا كَانَ لِمَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ فِي الدُّنْيَا؟ فَيَقُولُ: رَضِيتُ رَبِّ, فيَقُولُ: لَكَ ذَلِكَ, وَمِثْلُهُ, وَمِثْلُهُ, وَمِثْلُهُ, فَقَالَ, فِي الْخَامِسَةِ: رَضِيتُ رَبِّ, وَذَكَرَ الْحَدِيثَ: وَفِيهِ: وَيُذَكِّرُهُ اللَّهُ, سَلْ كَذَا, وَكَذَا, فَإِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَمَانِىُّ, قَالَ اللَّهُ: هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ, قَالَ: رَبِّ فَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً؟ قَالَ: أَوْلَئِكَ الَّذِينَ غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي, وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا, فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ, وَلَمْ تَسْمَعَ أُذُنٌ, وَلَمْ يَخْطُرُ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ).
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (يُنَادِي مُنَادٍ: أَنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا, فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا, وَأَنّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوا, فَلَا تَمُوتُوا أَبَدًا, وَأَنَّ لَكُمْ أَنّ تَشِبُّوا, فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا, وَأَنّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا, فَلَا تَبْأَسُوا أَبَدًا, وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ, وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ, نَادَى مُنَادٍ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ إِنّ لَكُمْ عِنْدَ اللهِ مَوْعِدًا, فَيَقُولُونَ: مَا هُوَ؟ أَلمْ يُثَقِّلْ مَوَازِينَنَا؟ وَيُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ وَيُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ؟ وَيُنْجِنَا مِنَ النَّارِ؟ فَيُكْشَفُ الْحِجَابُ, فَيَنْظُرُونَ إِلَى اللهِ, فَوَاللهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللهُ شَيْئًا هُوَ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ).
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (إِنّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْلَ الْغُرَفِ مِنْ فَوْقِهِمْ, كمَا يَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ الْغَابِرَ فِي الْأُفُقِ, مِنَ الْمَشْرِقِ, أَوِ الْمَغْرِبِ؛ لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنَهُم) قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ, تِلْكَ مَنَازِلُ الْأَنْبِيَاءِ, لَا يَبْلُغُهَا غَيْرُهُمْ؟ قَالَ: (بَلَى, وَالَّذِي نَفْسِي بِيدِهِ, رِجَالٌ آمَنُوا بِاللهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ) وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (أَلَا هَلْ مُشَمِّرٌ لِلْجَنَّةِ, فَإِنَّ الْجَنَّةَ لَا خَطَرَ لَهَا, وَهِيَ وَرِبِّ الْكَعْبَةِ نُورٌ يَتَلَأْلَأُ, وَرَيْحَانَةٌ تَهْتَزُ, وَقَصْرٌ مَشِيدٌ, وَنَهْرٌ مُطَّرِدٌ, وَثَمَرَةٌ نَضِيجَةٌ, وَزَوْجَةٌ حَسْنَاءُ جَمِيلَةٌ, وَحُلَلٌ كَثِيرَةٌ, وَمَقَامٌ فِي أَبَدٍ, فِي دَارٍ سَلِيمَةٍ, وَفَاكِهَةٍ, وَخُضْرَةٍ, وَحُبْرَةٍ, وَنِعْمَةٍ, فِي مَحَلَّةٍ, عَالِيَةٍ, بَهِيَّةٍ) قَالُوا: نَعْمَ, يَا رَسُولَ اللهِ نَحْنُ الْمُشَمِّرُونَ لَهَا, قَالَ: (قُولُوا: إِنْ شَاءَ اللهُ) قَالَ الْقَوْمُ: إِنْ شَاءَ اللهُ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنةِ, خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا).

*فَاغْتَنِمُوا أَيَّامَ الْمُهَلِ بِالْمُسَارَعَةِ إِلَى الطَّاعَاتِ, وَالْمُسَابَقَةِ إِلَى الْجَنَّاتِ, وَبَادِرُوا بِتَكْفِيرِ السَّيِّئَاتِ, قَبْلَ أَنْ يَفْجَئَكُمْ هَادِمُ اللَّذَّاتِ, وَمُفَرِّقُ الْجَمَاعَاتِ, فَفِي صَحيِحِ مُسْلِمٍ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ, كَمَثَلِ نَهْرٍ جَارٍ, غَمْرٍ – أَي كَثِيرٍ – عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ, يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ) قَالَ الْحَسَنُ: وَمَا يُبْقِي ذَلِكَ مِنَ الدَّرَنِ؟.
وَفِي صَحيِحِ مُسْلِمٍ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (مَنْ سَبَّحَ اللَّهَ فِى دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ, ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ, وَحَمِدَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ, وَكَبَّرَ اللَّهَ ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ, فَتِلْكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ, وَقَالَ تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ, لَهُ الْمُلْكُ, وَلَهُ الْحَمْدُ, وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ, غُفِرَتْ خَطَايَاهُ, وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ) وَفِي صَحيِحِ الْبُخَارِيِّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: (مَنْ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ, فِي يَوْمٍ: مِائَةَ مَرَّةٍ, حُطَّتْ خَطَايَاهُ, وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ).

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *