وجوب صلاة الجماعة

*فَإنَّ مَقَامَ الصَّلَاةِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ عَظِيمٌ, فَهِيَ الرُّكْنُ الثَّانِي مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ, وَهِيَ الْفَارِقَةُ بَيْنَ الْمُسْلِمِ, وَالْكَافِرِ, فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ, وَبَيْنَ الشِّرْكِ, وَالْكُفْرِ, تَرْكُ الصَّلَاةِ).
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَلَا وَإِنَّ التَّخَلُّفَ عَنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ الَّذِي بُلِيَ بِهِ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ, لَدَلِيلٌ عَلَى ضَعْفِ الْإِيمَانِ, وَخَوَاءِ الْقَلْبِ مِنْ تَعْظِيمِ اللهِ, وَتَوْقِيرِهِ, وَإِلَّا فَكَيْفَ يَلِيقُ بِمُسْلمٍ صَحِيحٍ, آمِنٍ, يَسْمَعُ مُنَادِيَ اللهِ يُنَادِيهِ: حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ, حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ, ثُمَّ لَا يُحَرِّكُ ذَلِكَ فِيهِ سَاكِنًا.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: فَفِي الصَّحِيحَيْنِ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلَاةِ فَتُقَامَ, ثُمَّ آمُرَ رَجُلًا فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ, ثُمَّ انْطَلِقُ مَعِيَ بِرِجَالٍ مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ, إِلَى قَوْمٍ لَا يَشْهَدُونَ الصَّلَاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّار) وَفِي رِوَايِةٍ فِي الْمُسْنَدِ: (لَوْلَا مَا فِي الْبُيُوتِ مِنَ النِّسَاءِ, وَالذُّرِّيَةِ) وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, أَنَّ رَجُلًا أَعْمَى أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ: إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ, وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ: إِنِّي ضَرِيرُ الْبَصَرِ, شَاسِعُ الدَّارِ, وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ الْمَدِينَةَ كَثِيرَةُ الْهَوَامِّ, وَالسِّبَاعِ. فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ, فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (هَلْ تَسمَعُ النِّدَاءَ؟) قَالَ :نَعَمْ, قَالَ: (لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً).
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ اللهَ تَعَالَى لَمْ يَعْذُرِ الْمُسْلِمِينَ فِي حَالِ الْحَرْبِ, وَالقِتَالِ, بِأَنْ يَتْرُكُوا صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ, بَلْ أَمَرَهُم بِأَنْ يُصَلُّوا جَمَاعَةً, فَقَالَ تَعَالَى: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأقْمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فِإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأخُذُوا حِذْرَهُم وَأَسْلِحَتَهُمْ..).
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَيُظَنُّ بَعْدَ هَذِهِ الْأَدِلَّةِ, أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ, تَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الصَّحَابِيِّ الَّذِي جَمَعَ بَيْنَ فَقْدِ الْبَصَرِ, وَبُعْدِ الدَّارِ, وَخَوْفِ الطَّرِيقِ, وَعَدَمِ الْقَائِدِ الْمُلَائِمِ لَهُ, وَلَا تَجِبُ عَلَى جَارِ الْمَسْجِدِ الْآمِنِ الْمُعَافَى, أَوْ أَنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ, تَجِبُ عَلَى أَوْلَئِكَ الْمُقَاتِلِينَ فِي تَلْكَ الظَرُوفِ الَّتِي تَذْهَلُ مِنْهَا الْعُقولُ, وَتَبْلُغُ فِيهَا الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ, ولا تَجِبُ على رَجُلٍ يَتَقَلَّبُ على فِراشِهِ, آمِنًا, مُطْمَئِنًا, مُعَافىً فِي بَدَنِهِ؟.

*فَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، أَلَا إِنَّ الْبَعِيدَ مَا لَيْسَ بِآتٍ، لَا يَعْجَلُ اللَّهُ لِعَجَلَةِ أَحَدٍ, وَلَا يَخِفُّ لِأَمْرِ النَّاسِ، مَا شَاءَ اللَّهُ, لَا مَا شَاءَ النَّاسُ، يُرِيدُ اللَّهُ أَمْرًا, وَيُرِيدُ النَّاسُ أَمْرًا, مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ, وَلَوْ كَرِهَ النَّاسُ، لَا مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدَ اللَّهُ, وَلَا مُبَعِّدَ لِمَا قَرَّبَ اللَّهُ، وَلَا يَكُونُ شَيْءٌ, إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ, كِتَابُ اللَّهِ, وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ, هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الأُمُورِ, مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ, وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *