الصلاة

*فَإِنَّ أُمَّتَنَا الْإِسْلَامِيَّةَ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ تَعِيشُ وَضْعًا مَرِيرًا فِي مَجَالَاتٍ شَتَّى؛ (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) وَرِيَاحُ التَّغْيِيرِ لَا تَهُبُّ مِنْ فَرَاغٍ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَأَوَّلُ خُطْوَةٍ فِي التَّغْيِيرِ, وَإِصْلَاحِ الْمُجْتَمَعَاتِ, تَبْدَأُ دَائِمًا مِنَ النَّفْسِ, قَالَ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) وَهِدَايَةُ النَّفْسِ لَا تَكُونُ إِلَّا بَعْدَ مُجَاهَدَةِ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ, قَالَ تَعَالَى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) وَأَوَّلُ خُطْوَةٍ فِي طَرِيقِ الْهِدَايَةِ بَعْدَ الشَّهَادَتَيْنِ, هِيَ الْمُحَافَظَةُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ جَمَاعَةً.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: الصَّلَاةُ رُكْنُ الدِّينِ, وَفَرِيضَةُ اللهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، لَا دِينَ لِمَنْ لَا صَلَاةَ لَهُ، وَمَنْ تَرَكَ صَلَاةً مَكْتُوبَةً مُتَعَمِّدًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ بَرِئَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ, فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: (إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاَةِ) وَلَقَدْ كَانَتْ وَصِيَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُغَالِبُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ: (الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ, وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) وَهِيَ عُنْوَانُ الْفَلَاحِ, قَالَ تَعَالَى: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) إِلَى أَنْ قَالَ فِي آخِرِ نَعْتِهِمْ: (وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
وَالصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ فِي كُلِّ حَالٍ, حَتَّى فِي حَالِ الْقِتَالِ, قَالَ تَعَالَى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ * فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) فَلَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ بِحَالٍ, حَتَّى عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ شُرُوطِهَا, وَأَرْكَانِهَا, مَا دَامَ الْعَقْلُ مَوْجُودًا.
وَالصَّلَاةُ هِيَ أَوَّلُ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَإِنْ صَلَحَتْ, صَلُحَ سَائِرُ الْعَمَلِ، وَإِنْ فَسَدَتْ, فَسُدَ سَائِرُ الْعَمَلِ.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ مَفْرُوضَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ, قَالَ تَعَالَى: (وَأَقِمْ الصَّلاةَ طَرَفِي النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ, يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ؟) قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيءٌ، قَالَ: (فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا).
وَالصَّلَاةُ بَابٌ كَبِيرٌ مِنْ أَبْوَابِ الرِّزْقِ, قَالَ تَعَالَى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى) وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ, فَزَعَ إِلَى الصَّلَاةِ, وَسُئِلَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: إِنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ سَبَبٌ لِدُخُولِ النَّارِ, قَالَ تَعَالَى: (مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ) وَقَالَ تَعَالَى فِي وَصْفِ أَهْلِ النَّارِ: (فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى * وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) فَاتَّقُوا اللهَ مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَمُرُوا بِالْمَعْرِوفِ، وَانْهَوا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَتَوَاصَوْا بِالصَّلَاةِ, قَالَ تَعَالَى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا) فَقَدْ امْتَدَحَ اللهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ إِسْمَاعِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِقَوْلِهِ: (وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ) وَفِي الْمُسْنَدِ وَغَيْرِهِ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مُرُوا أَبْناءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ).

*فَهُنَاكَ الْبَعْضُ مِنَّا لِلْأَسَفِ الشَّدِيدِ, قَدْ رَخُصَتْ عِنْدَهُمُ الصَّلَاةُ، فَهِيَ فِي آخِرِ أَشْغَالِهِمْ, وَفِي نِهَايَةِ اهْتَمَامَاتِهِمْ، يُؤَخِّرُونَ الصَّلَوَاتِ عَنْ أَوْقَاتِهَا بِلَا عُذْرٍ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) أَيْ: مُؤَقَّتًا؛ مَعْلُومَ الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ، لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ قَبْلَ الْوَقْتِ, كَمَا لَا تَصِحُّ بَعْدَهُ إِلَّا مِنْ عُذْرٍ, فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ فِي أَوْقَاتِهَا، فِي الْمَسَاجِدِ، فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا, فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلَاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ, فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنَنَ الْهُدَى, وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى, وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِى بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّى هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِى بَيْتِهِ, لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ, وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ, وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ, ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ, إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً, وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً, وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً, وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلاَّ مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ, وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِى الصَّفِّ).

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *