فضل أيام عشر ذي الحجة

*فَسَتُظِلُّنَا عَنْ قَرِيبٍ خَيْرُ أَيَّامِ الدُّنْيَا, الْعَشْرُ الْمُبَارَكَةُ، عَشْرُ ذِي الْحَجَّةِ, فَالْأَعْمَالُ فِيهَا فَاضِلَةٌ، وَالْأُجُورُ فِيهَا مُضَاعَفَةٌ, فَفِي الْبُخَارِيِّ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ, الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ) يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟! قَالَ: (وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ, فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ).
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ: أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ أيَّامٌ مُبَارَكَةٌ فَاضِلَةٌ, فَأَكْثِرُوا فِيهَا مِنَ التَّكْبِيرِ, وَالتَّهْلِيلِ, وَالتَّحْمِيدِ, وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ, وَالصَّلَاةِ, وَالصِّيَامِ, وَصِلَةِ الْأَرْحَامِ, وَالصَّدَقَةِ, وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ, وَتَفْرِيجِ الْكُرُبَاتِ, وَقَضَاءِ الْحَاجَاتِ, وَسَائِرِ أَنْوَاعِ الطَّاعَاتِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللهُ: (أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ, أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَاللَّيَالِي الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ, أَفْضَلُ مِنْ لَيَالِي عَشْرِ ذِي الْحَجَّةِ) وَقَدْ كَانَ الصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ, يُحْيُونَ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ, سُنَّةَ التَّكْبِيرِ بَيْنَ النَّاسِ، فَقَدْ كَانَ ابْنُ عُمَرَ, وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ، فَيُكَبِّرَانِ, وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا.
وَيُشْرَعُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ مِنْ أَوَّلِ دُخُولِ الْعَشْرِ, فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ, إِلَى مَغْرِبِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ, وَكَذَلِكَ يُشْرَعُ التَّكْبِيرُ الْمُقَيَّدُ وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ الَّتِي تُصَلَّى جَمَاعَةً, وَيَبْدَأُ التَّكْبِيرُ الْمُقَيَّدُ لِغَيرِ الْحُجَّاجِ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ, وَلِلْحُجَّاجِ مِنْ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ, وَيَسْتَمِرُّ إِلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ, وَمِنَ الصِّفَاتِ الْوَارِدَةِ فِي التَّكْبِيرِ: اللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ, اللهُ أَكْبَرُ, وَلِلهِ الْحَمْدُ.
وَلَا يَجُوزُ التَّكْبِيرُ الْجَمَاعِيُّ وَهُوَ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ جَمَاعَةٌ عَلَى التَّلَفُّظِ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ, إِذْ لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ, وَإِنَّمَا السُّنَّةُ أَنْ يُكَبِّرَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ.
وَيُشْرَعُ فِي يَوْمِ الْعَيْدِ, وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ذَبْحُ الْأَضَاحِي, وَقَدْ ضَحَّى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ, أمْلَحَيْنِ, أَقْرَنَيْنِ، سَمَّى, وَكَبَّرَ, وَذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ, مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَأَفْضَلُ الْأَضَاحِي أَغْلَاهَا ثَمَنًا, وَأَنْفَسُهَا عِنْدَ أَهْلِهَا، وَتُجْزِئُ شَاةٌ وَاحِدَةٌ عَنْ الرَّجُلِ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَلَوْ كَانُوا مِائَةَ نَفْسٍ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا، وَكُلُوا, وَأَطْعِمُوا, وَتَصَدَّقُوا، وَتَحَرَّوا بِصَدَقَاتِكُمْ فُقَرَاءَكُمْ، وَبِهَدَايَاكُمْ أَرْحَامَكُمْ وَجِيرَانَكُمْ، وَصُونُوا أَعْيَادَكُمْ عَمَّا يُغْضِبُ خَالِقَكُمْ، وَشَارِكُوا الْحَجِيجَ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ، وَمَنْ أَقَامَ فِي بَلَدِهِ, وَسَبقَهُ الْحُجَّاجُ إِلَى الْمَشَاعِرِ شُرِعَ لَهُ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ, أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ, وَالَّتِي بَعْدَهُ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

*فَبَادِرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ إِلَى التَّوْبَةِ, وَالْإِقْلَاعِ عَنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَالذُّنُوبِ, حَتَّى تَتَنَزَّلَ عَلَيْكُمْ الْمَغْفِرَةُ وَالرَّحْمَةُ, فَالْمَعَاصِيْ سَبَبٌ لِلْبُعْدِ وَالطَّرْدِ, وَالطَّاعَاتُ سَبَبٌ لِلْقُرْبِ وَالْوِدِّ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ اللهَ يَغَارُ, وَغَيْرَةُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ الْمَرْءُ مَا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَاغْتَنِمُوا مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ مَوَاسِمَ الْعِبَادَةِ قَبْلَ فَوَاتِهَا، فَالْحَيَاةُ فُرَصٌ، وَالْأَيَّامُ مَعْدُودَةٌ، وَالْأَعْمَارُ قَصِيرَةٌ.

Comments

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *