• ×
الأربعاء 24 أبريل 2024 | 02-10-2024

رُحى التشرذم وأيديولوجية الرأي

2
0
2471
 
بسم الله الرحمن الرحيم


رُحى التشرذم وأيديولوجية الرأي
***

أن ظاهرة التفرق والتشرذم والخروج عن الجماعة ليست وليدة اللحظة ولكن لها جذور

ضاربة في عمق المجتمعات الإنسانية

وممتدة منذ زمن غابر، أو لسنا أحفاد داحس والغبراء, وزمن البسوس.

إن الأصل في الإسلام وأهله الاجتماع لا الافتراق، والتعاون لا التصارع، والتآخي لا

التعادي، والاتحاد والترابط لا التشتت والتباعد، هذا ما أمر به الإسلام أهله المنتسبين

إليه، المتمسكين به..

لقد منع الإسلام من كل ما من شأنه أن يؤدي إلى التفرق والتنازع من الشحناء والبغضاء،

والتنابز بالألقاب والسخرية واللمز، والغيبة والنميمة، وسوء الظن والتجسس والتحسس،

والتدابر، وغير ذلك من المعاني المذمومة والأخلاق المرذولة.

أما آن الأون بان نستخلف جيلا متسامح متآخي بدل من أن نورثه احقاد وتعادي وفرقة

ونزاعات عائليه .

جيلا يُغلب مصلحة الجماعة على مصالحه وأهواءه الشخصية.

جيل انا وانتم مسئولين عن صناعته ،من خلال غرس بذور المحبة والالفه

وبث روح التسامح .

فالتسامح لا يقع في ميزان الضعف أبدا ، ومن يعتقد ذلك فقد ظلم نفسه .

أما يقول معلمنا وهادينا (ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)

إن المسئولية اكبر ليس من اجلنا فحسب ، بل من أجل جيل قادم ينبذ كل أشكال الخلافات

التي تورث الأحقاد ، جيل متسامح ، متآخي ، مترابط ، تربطه الاُلفه والمحبة.

يقول الله تعالى (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ

اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ )

وقولة تعالى(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ

إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )

ولسان الشاعر يقول

كونوا جميعاً يا بني إذا اعترى.. خطب ولا تتفرقوا آحادا

تأبى العصي إذا اجتمعن تكسراً.. وإذا افترقن تكسرت أفرادا

إن ما يحدث من خلافات بين الحينةِ والاخرى وبأسباب تافهة سوا بين أقارب أو ابنا

عمومه....!

وقعها ونتائجها وخيمه ، والمتتبع العاقل لهذه الخلافات يجد انه يمكن حلها وتفاديها بكل

سهوله لو قارنا مسبقا بين المشكلة ونتائجها.

فعندما (تقع الفأس بالرأس ) لن يجدي الأمر شيٌ.

ولسان حالنا كما قال الشاعر

وظُلم ذوي القربى اشد مرارة ... على المرء من وقع الحسام المهندِ

أن الواجب علينا ان نصلح أنفسنا كل على حدا ، وننبذ الخلاف ونوصد الابواب المؤدية اليه

، وان لا نقبل الظلم ولا نعين عليه،

اخذين بمبدا ((انصر اخاك ظالم او مظلوما)).

إن وضع الحطب على النار لن يزيدها الا تأججا ، والتربة السبخاء لن يخرج منها غرساً

يسر الناظرين ، والماء المالح لن يزيدنا الاعطشاً وظمأ .

تأملو قول الحبيب وتدبروه جيداً

((ألا أخبركم بخير من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: صلاح

ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة))

ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث اخرجه الامام الطبري عن ابن عباس

أفيضوا مجالسكم، وتجالسوا معاً، فإنه أدوم لإلفتكم، وأهيب لكم في الناس.


اليس الجدير بكل واحد منا أن يشتغل بعيوبه قبل ان يتتبع عيوب وهفوات الاخرين ؟

وان يصلح مافي نفسه اولاً فيكون كسب رضى الله في الدنيا والاخرة.

الانسان ليس معصوما من الخطأ ، ويجب ان لا نجرم الشخص عندما يخطي

فالأولى ردهِ الى صوابه بالحكمة ،الموعضة ، الٌمناصحه والكلمة الحسنه ،بعيد كل البعد

عن اسلوب التزمت.

يقول الشاعر :

وأن يكن في صدر ابن عمك إ حْنةُ... فلا تستثرها سوف يبدو دفينها

لقد حذرنا معلمنا وهادينا الحبيب عن:

الشح المطاع، والهوى المتبع، والدنيا المؤثرة، وإعجاب كل ذي رأي برأيه، الذي هو من

الطوام العظام، والفتن الجسام، حيث لا يجدي معه أمر ولا نهي، ولا نصح ولا رشد.

يجب علينا إيقاف رُحى هذه الخلافات التى ما زلت تطحن فينا كما تطحن الحبوب.

علينا ان نكون متسامحين حتى على من ظلمنا ونقول ،اللهم اهدهم وُردهم الى صوابهم .

وأخيرا



(إن دواعي الاتفاق والاجتماع لدينا أكثر وأعمق مما عند غيرنا ، ومع ذلك اجتمعوا

وافترقنا، وتضامنوا وتنازعنا، وتناسوا ما كان بينهم، ونحن نحرص على بعثه وإثارته

وتحريك الصدور به.. فما زادنا ذلك إلا فشلاً وذهاب ريح..))


اللهم أجرني لما اقصد واهدني سبيل الرشاد

وصلى الله على الهادي الامين

غازي الجزاع