• ×
السبت 27 أبريل 2024 | 02-10-2024

صراع الثقافات

0
0
3837
 بسم الله الرحمن الرحيم
صراع الثقافات

الحمد الله الذي لم يزل عليما قديرا ,وصلى الله على سيدنا محمد الذي أرسلة الي الناس كافة بشيرا ونذيرا , وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
((متن نخبة الفكر))

في حرب تحرير الكويت كنا نرى قناة ( السي إن إن ) الأمريكية وهي تنقل لنا الحرب على الهواء مباشرة عبر قنوات محلية خليجية وكنت مستغربا أشد الإستغراب كيف يمكنهم التصويرمن داخل بغداد ؟ وعلى الهواء مباشرة ,وكيف فرضت القناة الأمريكية نفسها على الحكومة العراقية ؟ مع أن من يقصف العراق هم أنفسهم أصحاب القناة ولكن بعد تحرير الكويت وظهور الصحون اللاقطة في الخليج وانتشارها على مستوي العالم ومع مرور الوقت ودخولنا الألفية الثالثة بدأ التغيير الفعلي يدخل حيز التنفيذ وذلك بدخول قنوات غربية وشرقية الي منازلنا ناطقــة باللغـــــة العربيــــة بل وتتنافس بتقديم الأفضل وجذب المشاهدين العرب إليها بشتي الوسائل .

من هنا بدأت أسئل نفسي مالهدف من فتح كل تلك القنوات باللغة العربية ؟ مع أنها تحتوي على ثقافه تختلف كليا عن المنطقة العربية .

من له رؤيا مستقبلية بسيطة وليست عميقة ( أي خلفية إعلامية ) سيحلل ذلك مباشرةً بأن هنالك شئ ما سيحدث بالعالم العربي خاصة .

لأن كل هذه القنوات كانت تمهد لنشر ثقافة معينة لتغطية أحداث سوف تحصل فريبا ولأهداف ومطامع لبلدانها أكبر مما نتخيل .

فمثلا القنوات الناطقة بالعربية كالأمريكية والفرنسية والبريطانية والروسية والإيرانية والتركية والصينية والكورية واليابانية ....الخ هل هي طلائع إحتلال أم أنها كانت على علم بما سيحدث بالعالم العربي من حروب وسفك دماء بما يسمى بالربيع العربي وأنها تريد نقل مايحدث أول بأول وتبرير أسباب دخول جيوشها الي بلدان الشرق الأوسط واحتلالها وشرعنة ذلك من خلال هذه القنوات الناطقة باللغة العربية وتوصيل معلومات مغلوطة وتلميع عملائها لتخفيف مقاومة الشعوب العربية حال دخولهم وتثبيط عزيمتهم .

والأمثلة واضحة وجلية فكم من القنوات الإيرانية تتكلم باللغة العربية منذ سنوات والنتيجة إحتلال العراق وسوريا ولبنان علنا وأصبحت جيوشها كاملة تابعة لها ورؤسائها تحصيل حاصل .

كذلك القنوات الروسية كقناة روسيا اليوم والقنوات الموالية لها في المنطقة مما أسفر عن إحتلال كامل لبلاد الشام ونشر قواعد عسكرية أشبه ماتكون بمثيلاتها بالدول العظمي من حيث التسليح والجاهزية والتقنية , بل إذا أردنا أن نقول الحقيقة بأن البلاد السورية قد بيعت بسوق الجملة من عملائها العلويين الي الروس وحزب الشيطان وتركيا وإيران وأميركا وإسرائيل والثمن كان بقاء بشار وزبانيته .
وفي ظل الثورة المعلوماتية والأقمار الصناعية التي أفرزت وبشكل واضح ثقافات مستحدثة وغريبة إخترقت وبشكل صارخ وسريع ثقافة مجتمعنا العربي والمسلم المحافظ ذو الحضارات والثقافات القديمة والعريقة في بلاد الرافدين والشام ومصر واليمن وشبه الجزيرة العربية سميت بالعولمة ، فالإتصالات السريعة والغير مسبوقة للبشرية على الإطلاق وتقارب الأماكن وعدم إحساسنا بالزمن أصبحت الحروب الحديثة فرض ثقافات المجتمعات القوية عسكريا على المجتمعات الضعيفة عسكريا بقوة السلاح رضينا أم أبينا وبإسلوب لم يسبق له مثيل ضاربة بعرض الحائط جميع مبادئ الإنسانية والأديان السماوية وبإيدي ومساعدة الخونة الذين يعيشون بيننا ويلبسون لبسنا ويتغلغلون بالمناصب العليا والمهمة هم وأذنابهم الذين زرعوا بيننا ويدّعون الوطنية وحب الوطن , والوطن منهم براء.

لقد أصبح ذلك جليا للعامة وليس للمثقفين فقط فالحروب التي تدور في الشرق الأوسط هي حروب ثقافات بإمتياز , فكل قوة إقليمية تريد أن تفرض ثقافتها على الثقافات التي تحتك بها , فالثقافة الفارسية المجوسية التي تريد أن تنشروتفرض ثقافتها على من حولها بطريقة محاكم التفتيش الهمجية والشرسة وما أدراك مامحاكم التفتيش ؟ محاكم التفتيش هي التي حولت وصادرت الأندلس المسلمة ببشرها وأرضها الي المسيحية الصرفة , فالفرس ينتهجون ويتبعون سياسة محاكم التفتيش بل أشد قسوة منهم وأكثر دموية على شعب العراق الأبي ,وعلى حساب الشعب الإيراني وثرواته حتي لو أدي ذلك ظلم الشعب الإيراني المغلوب على أمره وإستنزاف جميع موارده البشرية والطبيعية , كذلك الثقافة التركية تسعي جاهدة لنشر ثقافتها وحلم عودة الخلافة (بوس كوعك إذا عادت خلافة الترك ) والتغني بالماضي وأنها الدولة المجددة للدين الإسلامي والتي هي فقط بإمكانها نشره بالطريقة الإخوانية الحديثة المنحرفة والبعيدة كل البعد عن مبادئ الإسلام الحقيقية والتي تواكب أهواء الدول الغربية و تتعاون معها من خلال حلف الناتو كما تتعاون في الوقت نفسه مع روسيا الإتحادية ( الإتحاد السوفيتي سابقا ) العدو التقليدي لحلف الناتوا والتي لها تاريخ طويل بقتل المسلمين وإضطهادهم وما زالت فالإخوان المفلسين ليس لهم وجهين كالعملة المعدنية بل إن لهم ميزة من بد خلق الله فهم كالحرباء يتلونون على حسب مصالحهم وكالثعالب في التملص من وعودهم وكالكلاب المسعورة عندما فقط يذكر المال فما بالك إذا رأوه ...فإنهم يصبحون كالمومسات خذ منهم ماأردت ( غدر, خيانة , عملاء , بيع للمسلمين , بيع أوطان , بوس جزم , بتاع كلو ) فهم السبب الرئيسي لنكبات الأمة الإسلامية في العصر الحديث بإعترافاتهم .

في ظل هذه التناقضات للثقافة الإخوانية الغبية فهم يقتلون الأكراد المسلمين لإختلاف ثقافة الأتراك مع الكرد مع أنهم جميعا مسلمين ولكن الدين هنا لايشكل دافعا مانعا للقتال فيما بينهم بل إختلاف الثقافة هو الدافع الرئيسي للإقتتال العسكري وفرض ثقافة القوي على الضعيف , الذين بدورهم أي الأكراد يضطهدون العرب بالعراق وسوريا في المناطق التي يسيطرون عليها الآن كما كان بالماضي العرب يضطهدون الأكراد في المناطق السابقة الذكر ... وكل ذلك بسبب إختلاف ثقافة الأكراد عن الثقافات المحيطة بهم وتطلعاتهم لإنشاء دولة ذات طابع ثقافي كردي محض .

قد يختلف معي كثير من القراء ويقول أن المال والموارد الطبيعية التي تمتلكها المنطقة هي سبب الحروب في الشرق الأوسط .

فيكون الرد عليه كالآتي :
جميع الدول المحيطة بالشرق الأوسط متعددة الموارد الطبيعية من زراعة وأنهر ونفط وأموال لايمتلكها الشرق الأوسط وبالأخص دول الخليج التي تكاد لاتملك غير مورد واحد ورئيسي وهو النفط ولكن الفرق بيننا وبين من حولنا أنهم سخروا جميع مايملكون لتصدير ثقافتهم للدول المجاورة وفرضها عليهم بالقوة وأهملوا شعوبهم بينما نحن لم نحاول مجرد المحاولة تصدير أو فرض ثقافتنا على الثقافات التي نحتك بها لأننا الطرف الأضعف عسكريا .

بالمقابل :
لماذا لم يكن بيننا وبين الصين حروب ؟
لماذا لم يكن بيننا وبين اليابان حروب ؟
لماذا لم يكن بيننا وبين الأرجنتين حروب ؟
على إختلاف الثقافة بيننا وبينهم !!! .

الجواب وبكل بساطة بأنه ليس هناك إحتكاك ثقافات بين الشرق الأوسط والصين أو اليابان أوالأرجنتين وبالتالي ليس هناك حروب , مع العلم أنها مختلفة الثقافة والديانة بل العكس هناك تعاون إقتصادي قوي ومتميز (الإتفاقية الكويتية الصينية لبناء مدينة الحرير وتطوير الجزر الكويتية ) . بينما تجد أن هذه البلدان لها تاريخ حافل بالحروب مع الدول المجاورة لها فقط لأنها مختلفة معها بالثقافة .

ألا يكفيك أيها القارئ الكريم أن إسرائيل زرعت في وسط الشرق الأوسط وفي أقدم البقع على وجه الأرض على أساس ثقافة دينية وثقافة تاريخية متجذرة بعمق التاريخ لتصل الي سيدنا سليمان وبلقيس ملكة سبأ في اليمن , وكما أن الأمثلة تقع علينا أيضا تقع عليهم , فالثقافة الهندية متمثلة بدولة الهند تربطها علاقات متميزة مع ثقافة اليهود متمثلة بإسرائيل وذلك لعدم إحتكاك الثقافتين تاريخيا .

هذه قناعتي عما يحصل من حولنا في الشرق الأوسط والعالم بأنها حرب فرض ثقافات بجداره وبالتالي التبعية وإستعباد للشعوب .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بقلم / حمد عبدالله المسعر
almiesar@gmail.com