• ×
السبت 27 أبريل 2024 | 02-10-2024

رسالة الى مشاعل النور

3
0
2442
 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ولهذا فإنّ بين يدي رسالة مهمة .. أوجهها إلى المعلم والمعلمة ..
فيأيها المعلم الفاضل .. وأيتها المعلمة الفاضلة .. أعلم رحمك الله .. أن الواجب عظيم .. وأن المهمة ثقيلة.. والمسؤولية كبيرة..
إنها رسالة عظيمة .. رسالة شريفة لمن كان مخلصاً لله في أقواله وأعماله ..
إنه واجب كبير.. معلم سيلتقي بمجموعة من أبناء المسلمين .. ومعلمة ستقوم بتعليم كثيرٍ من بنات المسلمين .. فما واجب ذلك المعلم وتلك المعلمة ؟
إن واجبهم يتلخص في أمور من أهمها :
أولاً: أن يكون مخلصاً لله .. فلا يقصد بعلمه وسعة اطلاعه إلا مرضات الله والوصول إلى الحق وزرعه في عقول النشء .. قال الحسن البصري رحمه الله: لا يزال الرجل بخير إذا قال: قال لله .. وإذا عمل: عمل لله ..
ثانياً: أن يكون المعلم قدوة حسنة لغيره .. يتخلق بأخلاق الإسلام .. ويتأدب بآدابه .. وليعلم أن أقواله وأعماله تُتلقى عنه .. وأن هؤلاء النشء سينظرون إلى المعلم والمعلمة .. سينظرون إلى الأقوال التي يتلفظون بتا .. والأعمال التي يعملونها .. فإذا كان ذلك المعلم وتلك المعلمة ذا خلق نبيل ومروءة وعلم واستقامة على الخُلُق .. فإنه لن يصدر منهما إلا كل كلامٍ طيب بعيد عن الفحش، بعيد عن سقط الأقوال والأعمال .. والأبناء والبنات ماهم إلا مرآة تعكس أخلاق المعلم والمعلمة ؟!!
فإن من أهمِّ آثار العلم .. أثرُه الكبير في تنشِئَةِ الأجيال الذين هم قاعِدةُ بناءِ المجتمعات والدّوَل ..
والأمم لا تتقدَّم بحشو المعلومات .. إنما تتقدَّم بتربية تعمل على غرس القيم وبناء المبادئ .. لتجعل منها واقعاً عملياً .. لا محفوظات تلوكها الأفواه ثم تفرّغ في قاعات الامتحان دون أن يكون لها رصيد من الواقع .. وأثر يُتحلَّى بها في السلوك ؟!!
ما قيمة العلم إذا كان صاحبه كذوبا خؤونًا .. يتمرّغ في الرذيلة .. وينقض مبادئَ التربية عروةً عروة بسلوكه وأخلاقه ؟! ما قيمة التعليم إذا لم يظهر أثره على طالب العلم في أدبه مع العلم .. وفي أدبه مع أساتذته .. وفي أدبه مع إخوانه وكتبه ؟!
\" هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ \" ..
إن المنهج يظلّ حبرًا على ورق ما لم يتحوّل إلى بشر يترجم بسلوكه وتصرفاته ومشاعره مبادئَ المنهج ومعانيَه .. شأ ناشئ الفتيان منا على الصدق إذا لم تقع عينه على غش وتسمع أذنه كذباً، ويتعلم الفضيلة إذا لم تلوَّث بيئته بالرذيلة .. ويتعلّم الرحمة إذا لم يُعامل بغلظة وقسوة .. ويتربى على الأمانة إذا قطع المجتمع دابرَ الخيانة .. هذا ابن عباس رضي الله عنهما شاهد أمامه من يقوم الليل فسارع لذلك ولحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ..
ولهذا فلما خلى العلم في عصرنا من التربية صار التعليم ضررُه أكثر من نفعِه .. فالتقدّم التقنيّ في الأطباق الفضائيّة مثلاً .. سُخِّر للعُريِ الماجن .. والمُجون الفاضح .. وقتلِ الحياء .. ووأدِ الفضيلة .. وتلويثِ العقول بالأفكار المنحرِفة !!
وكذا التقدّم العلميّ في الحضارةِ المادّية المعاصرة وعند دول عُظمى.. فهذه الدول على تقدمها الحضاري .. صارت تعيش من غير أخلاقَ تردَعُها .. ولا قيَم تهذِّبها ..
فهي حضارة مادّيّة .. لم يهذِّبها دينٌ .. ولم يقوِّمها خُلقٌ ..
ومن أنكر مانقول فلينظر إلى جيوشً تلك الدول .. فهي جيوش جرّارة .. ترتكِب المذابح .. وتنحَر السلام .. وتغتصِب الفتيات .. لأنها نَشأت في أحضانِ هذا العِلم المبتور عن الأخلاق !!!
ولذلك فإن الموازين تختل حينما يتولى التعليم غير ملتزم بأحكام الإسلام .. متهاون في أوامر الله قد استحوذ عليه الشيطان !!
لان المطلوب من المعلم والمعلمة في المقام الأول هو الإرشاد إلى كل خلق حسن .. والتحذير من كل خلق ذميم ولكن فاقد الشيء لا يعطيه ...
فالطالب الذي يرى مدرسه في حالة من الانحراف عن أمر الله والتسيب عن الطاعات كيف يتعلم الفضيلة ؟! والطالب الذي يسمع من مدرسه كلمات السب والشتم .. كيف يتعلم حلاوة المنطق ؟! والطالب الذي يرى مدرسه يتعاطى الدخان سيسهل عليه هذا الأمر !!
والطالبة التي ترى معلمتها تتهاون في الحجاب .. كيف سيكون حالها ؟!
وليعلم كل من اشتغل بالتدريس : أن أقل ما ينتظر من المدرس المسلم أن يكون مظهره إسلاميا وان يتفق قوله وفعله وسلوكه مع روح الإسلام ومبادئه ...
فمثلا : إذا دخل على طلابه قابلهم بوجه طلق قال صلى الله عليه وسلم \" لاتحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق \" .. ثم يحيهم بتحية الإسلام \" .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته \" لا بتحية العوام \" صباح الخير \" أو \" مساء الخير \" .. وليبدأ حديثه بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم فـ \" كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهوا قطع \" الى غير ذلك من الأمور التي يغرس في نفوس الصغار الأخلاق الحميدة ...
ثالثاً: أن يكون عادلاً بين طلابه لا يميل إلى أي فئة منهم ولا يفضل أحداً على أحد إلا بالحق وبما يستحق كل طالب حسب عمله ومواهبه ..
خامسا: أن يكون حليماً مقتدياً بأشراف الخلق سيدنا محمد ، كان خير المعلمين إمام المربيين والموجهين، كان خير المعلمين .. قال أنس بن مالك وأرضاه: \" ما لمست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله ، ولقد صحبته عشر سنين ما قال لي يوماً أف\" ...
هذه بعض الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها المعلم المسلم وغيرها كثير ولكن المكان لايتسع لذكرها وإنما أردت من ذلك التذكير والنصيحة ...
أيها المعلم والمعلمة .. إن أبناءنا وبناتنا يواجهون غزواً فكرياً منحرفاً .. قائماً على أشُدِّه من خلال كل الوسائل التي يراها أعداء الإسلام مؤثرةً على شبابنا وفتياتنا .. هذا الغزو الضال المكثف لا يمكن أن نتداركه إلا أن نحصن أبناءنا وبناتنا عن مثل هذه الأفكار المنحرفة .. والأخطار المحدقة .. وذلك عن طريق ربطهم بكتاب ربهم .. وسنة نبيهم .. على فهم السلف الصالح .. وهذا المنهج هو منهج الوسطية والاعتدال ..
فاحرص ـ أيها المعلم ـ واحرصي ـ أيتها المعلمة ـ على تصحيح الوضع .. وعلى إصلاح الأخطاء .. وعلى التوجيه السليم لهؤلاء الفتيان والفتيات .. ألاَّ يغتروا بما شاهدوا وبما يرون، وأن تستأصلوا كل الشر من نفوسهم بالتربية الصالحة والتوجيه الطيب الذي يستفيدون منه في الحاضر والمستقبل ..
وفقكم الله لكل خير ،،،

وكتبه : أخوك عبد الله المعيدي
المشرف العام على شبكة همة المسلم
والمستشار التربوي في جمعية البر
www.mettleofmuslem.net الرسالة