• ×
السبت 27 أبريل 2024 | 02-10-2024

رحلتي إلى حيث المجهول..دروسٌ وعِبَرٌ..(1)..

4
0
4264
 

(الحَلَقَةُ الأولى)

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
من مساحاتِ الذكرياتِ وقِفارِها الواسعةِ وظِلالِها الوارِفَة.. أكتب لكم أيها الأحبة.. تجاربَ.. ومواقفَ.. وذكرياتٍ.. قد تجد فيها التسلية.. والفائدة.. والعبرة.. أخُطُّها بعد مرور سنواتٍ عليها.. وأكتب لكم ما عَلَقَ منها في أسوار الذاكرة..
كنت خامس خمسة من الأحبة ذات ليلة.. نتسامر ونلهو.. ونتجاذب أطراف الحديث فيما بيننا.. فاتفقنا على الخروج إلى نزهة برية.. إلى نفود الخُطَّة تحديدًا.. وكان الموعد بعد صلاة الفجر.. ذهبت إلى البيت.. فنمت.. واستيقظت بعدالآذان.. فصليت.. وعُدَّتُ إلى المنزل.. فقابلتُ أمي التي بادرتني بعد السلام عليها: بطلب الذهاب ضُحىً إلى السوق!!
فكان الاعتذار سريعًا: إنني ذاهب في رحلة برية إلى (مشار!!)..
نعم.. لا أستطيع إخبارها بمغامرتي إلى نفود الخُطَّة دَفْعَةً واحدةً.. خاصة أني للتو قد تعلمت القيادة.. والعمر صغير (في نظر الأهل)..
فقلت لها: نذهب إلى السوق بعد العصر مباشرة.. وكنت قد اتفقت مسبقًا مع الزملاء.. على أن تكون عودتنا بعد الغداء!!
وافقت أمي بلا تردد على أن يكون الموعد بعد العصر.. وأخذت تُؤكد عليَّ أنْ لا أتأخرَ عليها.. فأخذت أُطَمْئنُها أنني لن أتأخر..
وبعد قليل..الشمس تستأذن ربَّها بالخروج لتغمر الكون بالضياء.. وموعدي مع الزملاء بعد طلوعها.. تقابلنا عند منزل أحدهم.. ثم سارت بنا السيارات إلى إحدى المحطات.. محطة وقود.. أنا على سيارتي الbm.. قصدي الداتسون89.. والسيارة الأخرى داتسون81.. لِـ(.........)رحمه الله رحمة واسعة.. اشترينا معلبات للفطور.. وأخذنا المفطح: ثلاثَ دجاجاتٍ مجمدة.. وانقسمنا مسبقًا.. أنا وأحد الشباب في سيارتي.. والثلاثة على سيارة.. والقِسْمَةُ أبدًا لم تكن عفوية.. بل لسبب مقنع!!.. سرنا والضحكات تعلو مُحَيَّا الجميع.. هذه مدينة القاعد.. وبعد قليل ها نحن على مشارف مدينة الخطة.. ثم وصلنا بعدها إلى مشارف نفود الخطة.. (نسَّمْنا الكفرات).. ثم أخذنا نسير في فرح ومرح فوق تلك الرمال الحمراء.. ثم قررنا التوقف في مكان مناسب.. وأنزلنا الفطور وجهزنا الشاي.. ونسيت هل كان معنا قهوة أم لا!!.. والمهم أفطرنا.. وضحكاتنا لا تُثَمَّنُ عندنا بثمن.. وفجأة... قام رفيقي الذي جاء بسيارتي فركب سيارتي.. ثم اشتغلت السيارة!! وفي نفس الوقت قام رفقاء صاحب السيارة الأخرى.. وفعلوا الفِعْلَةَ نفسها!! واتجهت كل سيارة إلى ناحية!! أخذت أنظر في رفيقي الجالسِ أمامي باستغراب شديد!! لقد خَطَرَ في قلبي أن الشباب يرغبون تعلم القيادة في النفود!! الساعة الآن بين السابعة والثامنة صباحًا.... تجاذبت أنا وزميلي أطراف الحديث بيننا.. وإذ بالساعة تقترب من التاسعة..
أين ذهبوا؟! سؤالٌ دار في خلدي كثيرًا!! ثم أخذنا نتجاذب أطراف الحديث.. ونُطَمْئِنُ بعضنا البعض: الشباب قريب.. برهة من الزمن ويأتون.. الساعة العاشرة والنصف.. ولا أثر لمن ترجو!! ولا حياة لمن تنادي!! فقررنا البحث عنهم.. لكن كيف؟! وأين؟!
فاتفقنا على الذهاب كُلٌ منا بِصَوْبٍ.. والآن الوقت تجاوز الحادية عشر.. وأخذت أسيرُ وأنظرُ إلى زميلي.. وهو يسير وينظر إليَّ.. حتى أشرفت على مكان مرتفع.. وزميلي كذلك.. وأخذنا ننظر.. وننظر.. وننظر..
والحديثُ بيننا بلغة الإشارة من بعيد..
لا أنا أفهم ما يقول.. ولا هو يفهم ما أقول.. إلا أننا نفهم جميعًا أنْ لا أثرَ لمن نبحث عنهم..
نعم هذا صوت أذان الظهر أسمعه.. نعم أسمعه.. لكن ليس بأذني.. بل أسمعه بقلبي.. أنظر إلى الساعة وإذ الوقت يشير إلى الساعة الثانية عشر وثلث.. أخذت أنظر وأنظر وأدقق النظر.. وإذ بهاتف آخر أسْمَعَهُ من أعماق قلبي!! إنه موعد أمي.. قد اقترب..
فيالله ما أفعل؟! بل ما مصير زملائنا؟! خاصة أنَّ كلًا منهم ذهب لناحيةٍ؟!
أخذت أنظر وأنظر وفجأة التفت إلى الشرق: وإذ بنور أراه من بعيد.....؟!
وللرحلة بقية.. أكملها في حلقة قادمة إن شاء الله..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وكتبه: السُّهَيْلِي في 10 ربيع الآخر 1432